سمير اليوسفي يناقش أمن البحر الأحمر وشعارات الإخوان ضد المخا

  

الإعلان في الرياض الإثنين الماضي عن تأسيس “مجلس الدول العربية والإفريقيةالمُطلّة على البحر الأحمر وخليج عدن”، بعضوية 8 دول هي: مصر والسعودية واليمن والأردن والسودان وأرتيريا وجيبوتي والصومال، وتوقيع مُمثليها على ميثاقه، جاء ثمرة لعدة لقاءات رعتها السعودية ومصر على مدى عامبن، بهدف تنسيق مواقف دول البحر الأحمر، وصولاً لوضع استراتيجية نابعة من أهميته لها ولحركة الملاحة العالمية تتكفل بتأمينه وحمايته من الإرهاب والقرصنة .

ويمتاز ممر البحر الأحمر بكونه نقطة التقاء ثلاث قارات، وأقصر وأسرع طريق يربط الشرق بالغرب. مساحته الكُلية 450 ألف كيلو متر مربع، وطوله من قناة السويس شمالاً حتى مضيق باب المندب جنوباً نحو 1930كيلو متراً. وعرضه في أوسع مناطقه قُرابة 306 كيلو مترات، وأعمق نقطة فيه تصل إلى 2600 متر .

ومع الأسف، فإنّ المخاطر التي أثرّت على أمن دول البحرالأحمر وحركة الملاحة الدولية فيه، لم تأتِ من إسرائيل، كما أُشيع وكان متوقعاً طيلة 70 عاماً… فعلى العكس ثبُت أنّ اسرائيل ترى مصلحتها في تأمينه وحمايته، لأنّها تُطل عليه أيضاً من خليج العقبة وتستفيد منه في عمليات التبادل التجاري.. وتبعاً لذلك وجدت في تهديدات الحوثيين لها ذريعة لاستئجار قواعد عسكرية من الجوار الأرتيري لا نكاد نسمع لها همسا . 

وبالطبع، فإنّ الفوضى التي أدت لسيطرة الحوثيين والقاعدة على مدن رئيسة في اليمن، وصدّرت الإرهاب للعديد من دول البحر الأحمر، موّلتها قطر.. لا إسرائيل .. وهي إحدى دول مجلس التعاون الخليحي، وصارت حلقة وصل بين إيران وتركيا.. الدولتان اللتان يفترض أنّهما إسلاميتان. بالاضافة إلى الصومال التي يتزاوج فيها الإرهاب مع القرصنة. 

لذلك ينبغي الإعتراف بأنّ هذا المجلس جاء كرّد فعل من الأشقاء في السعودية بعد أن استفحل الخطر التركي الإيراني وصارت مهدداته ماثلة على ضفتي البحر شرقاً وغرباً.. فقد أسست تركيا قاعدة عسكرية في الصومال تُعد الأكبرخارج حدودها، وبمقدورها وفقاً لمصادر عسكرية تأهيل وتدريب 10 آلاف مُجنّد في غضون ثلاثة أشهر، من المُتوقع أن يصبحوا خلال أعوام أداتها للسيطرة على خليج عدن وباب المندب، تمهيداً لاجتياح الجزبرة العربية كُلها ، بإسناد من قاعدتها الأخرى داخل إمارة قطر.. 

كما أنّ الذراع الإيراني المُتمثل بالحوثيين صار يمتلك الخبرة الكافية لإدارة الصراع حول هذا الممر الحيوي، وينسج تحالفاته وفقاً لمصلحته في البقاء.. وعلى ذلك فقد استجاب سريعاً لمخطط التقارب بين إيران وتركيا، الهادف لتقسيم النفوذ بينهما في اليمن بعد تشتيت جهود التحالف العربي بقيادة السعودية .

 في سياق ذلك كله ، يسهل تفسير الدعم اللوجستي المُتبادل بين إخوان الشرعية المدعومبن من دولتي قطر وتركيا، وبين الحوثيين التابعين لإيران. وكانت البداية من الصفقة التي أبرمها وفد الشرعية إلى مفاوضات ستوكهولم مع الحوثيين.. واستماتته للحيلولة دون تحرير القوات المُشتركة للحديدة، ومسارعته للتوقيع على تسليمها للحوثيين تحت غطاءٍ أُممي، تبعها قيام شرعية الإخوان بتسهيل مرور أسلحة وذخائر ومنصات إطلاق صواريخ تابعة للحوثيين ضُربت بها المخا أكثر من مرة، وتصفية من يشتبهون في انتمائه للمقاومة الوطنية كما حصل قبل أشهر في مدينة التربة باغتيال إثنين من حُراس منزل محافظ تعز بدم بارد على يد تابعين لمحور تعز، حسبوهما من أتباع طارق .. حدث ذلك في الوقت الذي لاتزال فيه نصف مدينة تعز ومعظم مديرياتها في قبضة الحوثيين ومن بينها مناطق ومديريات ينتسب لها معظم قيادات محور تعز وألويته العسكرية .

والمتابع لبدايات حملة “المخا حقنًا” سيجد أنّ إمارة قطر هي من أشعل فتيلها عبر قنواتها وأدواتها الاعلامية والسياسية، استجابة لمخطط عبّر عنه السفير البريطاني لدى اليمن في حواره مع برنامج “بلا حدود” في قناة الجزير القطرية أواخر يناير من العام الماضي .. والتي اختارها بعناية لتكون واجهته، بعد أنّ نجحت الأدوات القطرية-التركية في إرباك القرار السعودي، مما فسرّه مراقبون بعودة الدور القطري مُجدداً .. وفي المُقابلة برّر السفير تراجع موقف بلاده نحو تشجيع السلام مع الحوثيين، بتعقُّد الموقف على الأرض اليمنية، وإخفاق التحالف في إنهاء مشكلة الحوثيين، كما ألمح إلى أنّ انسحاب الحوثيين من تعز، مرهونُ بتنفيذ إتفاق ستوكهولم حول الحُديدة.

و على ذلك، فإنّ التوافق الحالي بين إخوان تركيا والحوثيين لم يعد سراً .. وجاء انعكاساً للتوافق الإيراني التركي الساعي لتقاسم النفوذ في اليمن، وإذا بقي التحالف يراوح مكانه .. سيُمنح الحوثيون ميناء “ميدي” في حال قبلوا الانسحاب من الحُديدة، فيما يطمع إخوان تركيا المُسيطرين على الشرعية بالاستحواذ على “المخا” و”باب المندب ” باعتبارهما من إرث الدولة العثمانية … وهم ممثلوها في اليمن. 

وتصريحات وزير النقل صالح الجبواني حول توقيعه اتفاقية مع تركيا لتأهيل وتشغيل المطارات والموانئ المشاطئة للبحر الأحمر، تكفي لمن أراد الفهم.